القيروان: الوضع الصحي متردي والمشاريع معطلة.. والإدارة توضّح
يشهد المستشفى الجامعي ابن الجزّار بالقيروان حالة من الفوضى العارمة بسبب توافد أعداد غفيرة من المرضى بصفة يومية على قسمي الاستعجالي بوحدة الاغالبة وابن الجزار في ظل النقص الفادح في عدد الأطباء والممرضين والعملة وتدهور البنية التحتية وكثرة الأوساخ والفضلات في كل مكان.
كورونا غيّرت هيكلة المستشفى وكشفت العيوب
وأكّد الكاتب العام للفرع الجامعي للصحة بالقيروان، بلقاسم الخلفاوي لموزاييك أن جائحة كورونا كشفت عيوب المؤسسات الصحية بالجهة وعرّت التفاوت الصارخ في الخدمات الصحّية في تونس وسلطت الضوء على معاناة العاملين بقطاع الصحي بالولايات الداخلية خاصة بولاية القيروان في ظل اهتراء التجهيزات والمعدات الطبية وتدهور البنية التحتية والنقص الفادح في الموارد البشرية بالجهة مما تسبّب في وفاة المئات من المواطنين والأطباء والممرضين.
وأضاف الخلفاوي أن كورونا تسبّبت أيضا في تغيير هيكلة المستشفى الجامعي ابن الجزار حيث تم إحداث قسم إنعاش جديد على حساب بناية "وحدة أخذ عينات للتحاليل" التابعة للمخبر ومنذ ذلك التاريخ لم يتم تعويض هذه الوحدة رغم مطالبتهم في عدّة اجتماعات ومناسبات.
وبيّن الخلفاوي أن ولاية القيروان لا تزال مهمشة ومحرومة خاصة في المجال الصحّي رغم أنها تمتّعت خلال الجائحة بعدّة تجهيزات ومعدات طبية لا تفي بالحاجة وتعتبر قليلة مقارنة بالولايات الأخرى رغم أنها من أول الجهات التي تفشت بها فيروس بكورونا وأجبرت الإدارة الجهوية للصحة على نقل المصابين بالفيروس إلى ولايات الأخرى منها قابس وسوسة وصفاقس وغيرهم بسبب امتلاء مستشفيات الجهة بالمرضى وعدم قدرتهم على مزيد استيعاب المصابين نتيجة نقص الموارد البشرية وعدم توفر اسرة الاكسجين والانعاش بالعدد الكافي.
المشاريع المعطّلة... بسبب كورونا والتعقيدات الإدارية
وأشار الكاتب العام أن عدّة مشاريع بالجهة معطّلة بسبب كورونا والتعقيدات الإدارية على غرار قسمي الإنعاش الطبي والقلب الذي كانا من المفترض يكونان جاهزان خلال سنة 2018 إلا أنهما لا يزال معطلان إلى حد الآن، رغم مطالبة الطرف الاجتماعي في العديد من المناسبات والتهديد بالإضرابات وتنفيذ عدّة وقفات احتجاجية وإصدار بيانات وعقد جلسات.
كما طالب الخلفاوي بضرورة تركيز جهاز "السكانار" بوحدة الاغالبة حيث تنتمي هذه الوحدة التي توجد بها الأقسام الجراحية إلى المستشفى الجامعي ابن الجزّار لكنّها تبعد أكثر من أربعة كلم، وهذه المسافة تسبّبت في حصول كوارث إنسانية مع تسجيل حالات وفيات،حيث يتم توجيه المرضى خاصة المصابين بجروح أو بحروق اثر تعرضهم إلى حوادث مرور من الوحدة إلى قسم الأشعة بابن الجزار لإجراء الفحوصات بالسكانار ثم إعادتهم وهو ما يستغرق وقت طويل مما يتسبّب أيضا في خسائر مادية (تكاليف المحروقات والبنزين...)، حيث تقطع سيارات الإسعاف يوميا مسافات طويلة بين الأقسام من اجل نقل المرضى أو من اجل نقل الدم وتقدر هذه الخسائر بمئات ملايين الدنانير وفق تصريحه.
وانتقد بشدّة الكاتب العام تداخل قسم الاستعجالي مع قسم العيادات الخارجية بوحدة الاغالبة وعدم فصلهما إلى حد الآن مما يتسبب دائما في حالة من الفوضى العارمة نتيجة الاكتظاظ والازدحام بين المرضى خاصة إثر حدوث حوادث مرورية وتوافد أقارب المرضى بأعداد غفيرة وينتج عن ذلك انتشار العدوى.
تسريح 30 ممرضا ضمن التقاعد المبكر
رغم أن المؤسسات الصحية بالجهة تشكو بدورها من النقص الفادح في الموارد البشرية فقد بيّن الخلفاوي أن الحكومة أطلقت برنامجا خصوصيا جديدا للإحالة على التقاعد لأعوان الوظيفة العمومية يشمل الأعوان الذين بلغوا 57 سنة على الأقل خلال الفترة الممتدة بين 1 جانفي 2022 و 31 ديسمبر 2024 والذين قضوا مدة العمل الدنيا المشترطة للحصول على جراية التقاعد والمحددة بـ 15 عاما والذين حددت سنهم القانونية للإحالة على التقاعد بـ 62 عاما وهو ما يسمح بمغادرة 30 ممرضا من المستشفى الجامعي ابن الجزار حيث سيغادر 10 ممرضين من قسم واحد (قسم الطب النفسي) وهذا سيخلق إرباك في الخدمات في عدّة أقسام على غرار قسم الإنعاش بالاغالبة وقسم العيون وقسم الأطفال وقسم الولادات.
ونبّه الخلفاوي من خطورة وضعية بناية قسم العظام التي متداعية للسقوط حيث تم إغلاق بعض القاعات بداخله وهناك لخبطة حاليا حول توزيع المرضى في الأقسام الأخرى واعتبرها فضيحة في ظل توافد أعداد غفيرة من المرضى والمصابين بالكسور نتيجة كثرة الحوادث المرورية بسبب وجود طرقات رئيسية تمر عبر ولاية القيروان.
مزايا كورونا عن ولاية القيروان...الترفيع في أسرة الإنعاش
من جهة أخرى تحدّث المدير الجهوي للصحة بالقيروان،الدكتور معمّر الحاجي عن مزايا جائحة كورونا عن ولاية القيروان ورغم تسجيل حالات وفايات والماسي والأحزان التي خلفتها الجائحة إلا أنه تم إحداث قسم إنعاش طبي جديد يضم 9 أسرة إنعاش وتخدير بالمستشفى الجامعي ابن الجزّار إلى جانب الترفيع في عدد أسرة بوحدة الاغالبة من 12 إلى 14 سرير بالإضافة إلى تركيز 6 أسرة مجهزة طبيا بأقسام الاستعجالي.
وأضاف الحاجي أن الإدارة الجهوية للصحة وبالتعاون مع السلط الجهوية شرعت في بناء وحدة جديدة لأخذ عينات التحاليل بكلفة 197 ألف دينارا والأشغال جارية حاليا.
تهيئة أقسام بوحدة الاغالبة ومستشفى ابن الجزّار
أشار الحاجي أن وزارة الصحة وفّرت اعتمادات بقيمة مليون و400 ألف دينارا لتهيئة وصيانة قسم العظام وإصلاح شبكة التسخين بوحدة الاغالبة نظرا للتشققات الحاصلة ممّا التجأت الإدارة إلى تخصيص قسم الإنعاش والتخدير القديم كفضاء لإيواء مرضى قسم العظام.
وبيّن المدير الجهوي أن قسم الإنعاش والتخدير بوحدة الاغالبة تم إحداثه إبان موجة كوفيد ببناية قسم الجراحة العامة ومنذ ذلك التاريخ فإن طاقة استعابه 100 بالمائة نظرا لكثرة المرضى خاصة المصابين جراء الحوادث المرورية ويقدم في خدمات جليلة نظرا انه يحتوي على تجهيزات ومعدات طبية حديثة ومتطورة.
وأشار الحاجي أن مشروع تهيئة قسم الاستعجالي بمستشفى ابن الجزّار حاليا في طور الدراسة من تمويل الصندوق الكويتي للتنمية بكلفة تقدر بحوالي 2 مليون دينارا وقريبا ستنطلق أشغال قاعة معالجة المياه بقسم تصفية الدم وتم تخصيص مليون و200 الف دينارا لبناء وحدة جديدة لتصفية الدم فحين انجز بالكامل سور خارجي لمستشفى ابن الجزار.
قريبا تركيز وحدة السكانار بوحدة الاغالبة
وأكد الدكتور أن هناك مساعي حثيثة من الإدارة الجهوية للصحة من اجل تركيز آلة السكانار بوحدة الاغالبة نظرا أن أكثر من 70 بالمائة الذين يخضعون للسكانار بمستشفى ابن الجزار هم وافدين من وحدة الاغالبة بوساطة سيارات الإسعاف ولهذا تركيزه ضروري وملح وذلك بعد تهيئة بناية قسم الأشعة القديمة المغلقة بكلفة 200 ألف دينارا،مضيفا انه سيتم أيضا تهيئة قاعة جراحة أمراض العيون بكلفة 80 ألف دينارا لتركيز تجهيزات ومعدات طبية جديدة خاصة بطب العيون.
رغم تضافر الجهود بين مكونات المجتمع المدني والسلطات المركزية والجهوية والمنظمات الوطنية خلال فترة كوفيد 19 إلا أن الوضع الصحي بالجهة يتطلب تدخلا عاجلا من أجل تحسين الخدمات الصحية بمختلف المؤسسات الصحية بالجهة مع ضرورة التسريع في استكمال الأشغال ببعض المستشفيات على المستشفى الجهوي ببوحجلة في انتظار انطلاق أشغال المستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز الجامعي الذي لا يزال معطلا رغم رصد اعتماداته من شهر اكتوبر 2017 في شكل هبة من قبل المملكة العربية السعودية.
*خليفة القاسمي